1. بيت
  2. معارف
  3. اهمية العبادة
  4. الحزن والسرور - وداع شهر رمضان وطلوع عيد الفطر

الحزن والسرور - وداع شهر رمضان وطلوع عيد الفطر

٢٥ سبتمبر ٢٠١٤


بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

(سورة المائدة: الآية: 114)

الّف رأس الحدود الميامين سيدي عزيز بهائيصاحب قطب الدين هذه المقالة في سنة 2014 الميلادية.

في دعاءه لوداع شهر رمضان المعظم، شبّه الامام علي زين العابدين ص هذا الشهر بضيف كريم زارنا فسرّنا وودّعنا فاوحشنا، وفي ذلك الدعاء يقول الامام ص: "السلام عليك يا اكرم مصحوب من الاوقات، ويا خير شهر في الايام والساعات، السلام عليك من شهر قرُبت فيه الآمال ونُشِرت فيه الأعمال…السلام عليك من اليف آنس مقبلا فسرّ، واوحش منقضيا فمضّ، السلام عليك من مجاور رقّت فيه القلوب وقلّت فيه الذنوب، السلام عليك من ناصر اعان على الشيطان، وصاحب سهّل سُبُل الإحسان…السلام عليك كما وفدتَ علينا بالبركات وغسلتَ عنا دنس الخطيئات…السلام عليك من مطلوب قبل وقته ومحزون عليه قبل فوته…" فكأننا بالأمس كنا ننتظر مجيئ هذا الشهر العظيم كما ينظر الطفل الى جبل شاهق ليرتقيه. وكان شهرا ذكّرنا بأصول ديننا ومعتقداتنا واعاننا على احياء فروض الدين وسننه.

ونحن المؤمنون ذوو حظ سعيد إذ منّ الله علينا بهادٍ قادنا وحدانا إلى ذروة ذلك الجبل، جبل شهر رمضان، فقد صُمنا وقُمنا بهدايته وفي ظله، وطهّر قلوبنا، وحسّن أخلاقنا، وجلّى ضباب أشغال الدنيا التي غَشِيت قلوبنا، وشغّلنا بذكر الله والآخرة، والأعمال التي تقرّبنا الى الله سبحانه. فنحن مودّعو هذا الشهر العظيم الذي أتانا فأصلحنا وقوّمنا وقرّبنا إلى الله زلفى، وقوّى ما بيننا من المحبة والأخوة. وتبرّكنا ايضا في هذا الشهر بدعوات داعي الله، داعي امام الزمان طع في وسائله المباركة، والمناجاة الشريفة التي صنّفها. وبالنظر إلى اجتهاده في العبادة، وورعه واطمئنانه وسكينته وتوكله على الله، وذلك رغم طوفان الفتنة حولنا، قوّينا هممنا وعزائمنا على مواجهة نوائب الزمان والاقتداء بمثلنا الاعلىٰ. وبإذن مولانا المنان طع وبركة دعائه اجتمع المؤمنون في البلاد الإيمانية في انحاء العالم لصلاة الامامة والعبادة طوال هذا الشهر المبارك. فنحمد الله سبحانه الذي جعلنا من الذين اكملوا عدّة الصيام في شهر رمضان ثلاثين صوما كما اُمرنا في القرآن المجيد في هذه الآية ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

ارشدنا موالينا الطاهرون الى إكمال العدة ثلاثين صوما، لا أكثر ولا أقل، لأن كل يوم من شهر رمضان يدلّ على مقام امام يجب علينا الاقرار به بصومنا. ثم حسب الآية المذكورة اعلاه نكبّر الله سبحانه عند مجيئ عيد الفطر، ونقول في أول التكبير "الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله" إقرارًا بتوحيده، ثم نقول "الله اكبر الله اكبر ولله الحمد" إعلانًا لحمده، وفي الأخير نقول "الله اكبر على ما هدانا" حمدًا وشكرًا لله على ما هدانا اليه من صيام شهر رمضان والعبادة فيه.

ومهما كنا نستعظم امر شهر رمضان وكنا نرى الصيام طوال النهار في أيامه والقيام في لياليه شاقّا علينا، الا انّنا الآن نشعر بالسرور والطمأنينة والفرح والغبطة بقدوم العيد. وكذلك مهما يشقّ علينا ليلة الستر والفتنة في هذا الزمان، فنحن إن حافظنا على عقيدتنا وإيماننا وسلكنا المسلك الذي هدانا اليه اوليائنا، فنحن منتظرون لصبح عيد النصر والفتح، ﴿اَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيْبٍ﴾، وعند ذلك بإذن الله سنُجزَى بما صبرنا، ﴿اِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُوْنَ اَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، وسنكون في المسرة والفرح والحبور كما قيل في المثل "عند الصباح يحمد القوم السُّرى".

نسأل الله تعالى ان يجزينا بصيامنا في شهر رمضان، ويوفّي داعيه بصبره - صبر لا مثيل له - اجره بغير حساب.

كيف نساعدكم؟