الكعبة من الأحجار، وكعبة النفوس
٠٦ أكتوبر ٢٠١٤
بسم الله الرحمن الرحيم
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا
(سورة البقرة: ١٢٥)
قد سطر الدكتور السيد عزيز قطب الدين بن سيدنا خزيمة قطب الدين رض المقالة الآتية في سنة ٢٠١٤ الميلادية.
جعل الله الكعبة البيت الحرام مسجدا ومثابة وأمنا للناس كما ورد في الآية المذكورة فوق. يتوجه جميع المسلمين اليها في الصلوة. وتحل محل القلب للعالم الاسلامي. وفيه يأمن الناس من سفك الدماء – ولذلك يسمى "المسجد الحرام" الذي حُرّم فيه سفك الدماء.
والذين قد سعدوا بزيارة المكة المكرمة يعلمون بان جلالة بيت الله وعظمته اجلّ من ان توصف. وكان الوقوف عند الكعبة اقرب ما يكون العبد من الشعور بالوقوف بين يدي الله في هذه الدنيا. امكن الله لنا العمرة والحج عن قريب، ومتّعنا بزيارة رسول الله صلع في المدينة المنورة.
قال سيدنا المؤيد الشيرازي رض باب الأبواب للإمام المستنصر بالله ص في قصيدة بليغة:
أبيت من الاحجار اعظم حرمة
ام المصطفى الهادي الذي نصب البيتا
قال سيدنا المؤيد رض ايضا في احد مجالسه ان الله جعل الكعبة الحرام بيتا كثيفا وقبلة لأجسامنا الكثيفة. وكذلك جعل الامام في كل عصر قبلة روحانية لأنفسنا اللطيفة. وإن امام الزمان وداعيه اوان استتاره كعبة الله الحرام في الحقيقة، نتوجه اليهما بأنفسنا في ديننا كما نتوجه بأجسامنا الى الكعبة في الصلاة.
وكما ان الحج فرض على كل مسلم ومسلمة ان استطاع اليه سبيلا، فقد فرض ايضًا على كل مؤمن ومؤمنة ان يهاجر الى صاحب الزمان الامام او الداعي اوان استتاره. ومعنى التوجه الى الامام والداعي المطلق ان نقتدي بهما في اصلاح احوالنا. واذا اقشتدينا بسيرتهم وسلكنا سبيلهم في جميع امورنا يكون ذلك سببا لكسب صفات الملائكة الكرام.
يجتمع ملايين المسلمين على العرفات وجبل الرحمة يوم التاسع من ذي الحجة الحرام، يوم العرفة، فنحمد الله ونشكره اذ جعلنا قائمين على عرفة المعرفة – معرفة إمام وداعيه. ووقف الحجاج على العرفة لابسين الاطمار شعثًا غبرًا كأنهم قائمون بين يدي الله يوم القيامة في اكفانهم ينتظرون الحساب. هذا ذكرى لمن تذكر. سوف نقف جميعًا عند الله تعالى. فلنذكر ان ذلك اليوم آتٍ، ولنتزود كي نكون احرياء بالوقوف عند الرحمان.
ناشد الله سيدنا المؤيد رض في دعائه يوم العرفة:
انت الذي وقف لك في هذه الساعة الواقفون بعرفات محشورين الى بابك من كل فج عميق على اختلاف اللغات والصفات شعثا غبرا كأنما انشروا ليوم النشور ملتفين في اطمار كأنها اكفان اصحاب القبور يدعونك يا رب العالمين خوفا وطمعا للدنيا والدين ويسترحمونك يا ارحم الراحمين اللهم ونحن عبيدك وان كنا غيبا عن ذلك المقام بأبداننا فنحن حضور بأنفسنا وادياننا اللهم فصل على محمد وآله والحظنا بعين رحمتك التي تلحظ بها اصفياءك من حاضري ذلك المقام